ذكر مصعب بن عبد الله بن مصعب الزبيري قال حدثني أبي عبد الله بن مصعب عن ربيعة بن عثمان الهديري عن زيد بن أسلم عن أبيه قال : خرجنا مع عمر بن الخطاب إلى حرة واقم حتى إذا كنا بصرار إذا نار فقال: يا اسلم ،،، إني لأرى ها هنا ركبا قصر بهم الليل والبرد ... انطلق بنا ....
فخرجنا نهرول حتى دنونا منهم، فإذا بامرأة معها صبيان صغار ،، وقدر منصوبة على نار ،، وصبيانها يتضاغون. فقال عمر: السلام عليكم يا أصحاب الضوء (وكره أن يقول يا أصحاب النار) ...
فقالت: وعليك السلام ...
فقال: ادنو؟
فقالت: ادنُ بخيرٍ، أو دع .... فدنا...
فقال: ما بالكم؟!..
قالت: قصر بنا الليل والبرد ...
قال: فما بال هؤلاء الصبية يتضاغون؟!..
قالت: الجوع !...
قال: فأي شيء في هذه القدر؟؟! ....
قالت: ما أسكتهم به حتى يناموا ... والله بيننا وبين عمر ...
فقال: أي رحمك الله ... وما يدري عمر بكم؟؟!!!!
قالت: يتولى عمر أمرنا،، ثم يغفل عنا !! ...
قال: فأقبل علي فقال: "انطلق بنا"...
فخرجنا نهرول حتى أتينا دار الدقيق، فأخرج عدلا من دقيق وكبة من شحم...
فقال: "احمله علي!"...
فقلت: أنا أحمله عنك ...
قال: أنت تحمل عني وزري يوم القيامة!!!! لا أم لك!!...
فحملته عليه فانطلق، وانطلقت معه إليها نهرول، فألقى ذلك عندها وأخرج من الدقيق شيئاً، فجعل يقول لها "ذري علي، وأنا احرك لك"، وجعل ينفخ تحت القدر، ثم أنزلها فقال "أبغيني شيئا" فأتته بصحفة فأفرغها فيها، ثم جعل يقول لها "أطعميهم وأنا أسطح لهم" ...... فلم يزل حتى شبعوا، وترك عندها فضل ذلك،،، وقام ،، وقمت معه ،، فجعلت تقول:
"جزاك الله خيرا ... كنت أولى بهذا الأمر من أمير المؤمنين !!
فيقول "قولي خيراً إذا جئت أمير المؤمنينً ،،، وحدثيني هناك إن شاء الله"....
ثم تنحى ناحية عنها، ثم استقبلها، فربض مربضا، فقلنا له ان لنا شأنا غير هذا!! ..... ولا يكلمني حتى رأيت الصبية يصطرعون .... ثم ناموا ... وهدأوا ....
فقال : يا أسلم إن الجوع أسهرهم وأبكاهم ... فأحببت أن لا أنصرف حتى أرى ما رأيت!!